علوم الأصول و أصول العلوم
منذ صغري (و
حينما بدأت اهتمامي بالمجال العلمي) لاحظت شيئاً هاماً للغاية، كان ذلك الأمر هو
أنني أهتم أكثر ما أهتم بالعلوم التي تعتبر هي الأصول و القواعد الأساسية في
المجالات العلمية التي تنتمي لها.
يعني علي سبيل
المثال: حينما أخذت في تحصيل العلوم الشرعية وجدت نفسي أنساق رويداً رويداً إلي
تعلم أصول الفقه و أصول الحديث، بينما ينهمك جل من حولي في تحصيل فروع الفقه حسب
مذهبٍ معين (أو علي اختيارات صاحب الكتاب المدروس) !
و حينما أخذت
في تحصيل العلوم البرمجية وجدتني أنجذب ناحية علوم تصميم لغات البرمجة (أو
نظرية لغات البرمجة PLT- programming language theory) المترجمات compilers و
المفسرات interpreters و أنظمة التشغيل operating systems، بينما جل من حولي
انشغلوا بالشبكات networks و قواعد البيانات databases و تصميم مواقع الشبكة web
pages !
و حين كنت خارج
دائرة البرمجيات: كنت منشغلاً بالرياضيات و مولعاً بها إلي أقصي الحدود، و لي في
هذا المجال ما أحب أن أفصح عنه بعد فترةٍ حينما أصل في مشروعي البرمجي (البرمجة بإبداع) إلي نقطةٍ متقدمةٍ بإذن الله تعالي.
و علي هذا
فقِسْ في باقي نواحي الحياة.
و بالطبع فقد
جعلني هذا أبدو شاذ الفكر أمام كل من حولي، فلا أحد يشاركني في تلك الاهتمامات علي
الإطلاق، و زاد الطين بلةً أنني دائماً (و بدون قصدٍ و تعمد) ما أقتنع بما لا يهواه
الآخرون و يرونه عين الخطأ !
فلو نظرنا
مثلاً إلي علوم الشرع: فسنجد أنني ما إن تعمقت في أصول الفقه بعض الشيء حتي تشبعت
اقتناعاً بمنهج أهل الظاهر ! بينما إخوتي و أحبتي في الله من السلفيين أقرب
لمدرسة الإمام بن تيمية رحمة الله عليه في المذهب الحنبلي. و قد جعلني هذا أشعر
بكثيرٍ من الغربة بينهم رغم أنهم الأقرب إلي تفكيري و منهجي !
و لو نظرنا إلي
العلوم البرمجية فسنجد أنني أخالف جل الناس في نظرتهم للغات البرمجة الحالية و في
تصور ما يجب أن تكون عليه في المستقبل، و تعدي الأمر لغات البرمجة إلي تصوري لأنظمة
التشغيل، و للعتاد الصلب ذاته، بل و لفكرة الحوسبة نفسها !
و أهم النقاط
التي أريد أن أركز عليها هو أنني لا أتعمد المخالفة لمجرد المخالفة، و الله علي ذلك
شهيد. و لكني لا أغير قناعاتي إلا بأدلةٍ و براهين تقنعني، و بينما يناقشني من حولي
في الفروع و يكثرون من التفريعات عليها أجد أنهم يغفلون أصولاً تجعل تلك الفروع
باطلةً بالكامل و لا يمكن البناء عليها.
و أعود إلي
الحديث عن علوم الأصول لأنبه إلي أن من ميزة التخصص فيها: أن أي إنجازٍ تحرزه ينعكس
علي كل من يستخدم تلك الأصول، و لو ضربنا لذلك مثالاً بتطوير خوارزمٍ algorithm
جديد لفعل شيءٍ ما بحيث يتطلب ذاكرةً أقل و جهداً أقل من المعالج processor فسنري
أن هذا سيؤدي إلي استفادة كل من يستخدم ذلك الخوارزم بشكلٍ مباشر، و كل من يستخدم
المكتبات التي تستخدم هذا الخوارزم بشكل غير مباشر، و هكذا.
و لو أنك زدت
سرعة بعض العمليات المكلفة من حيث الذاكرة أو استهلاك المعالج في بيئة الـJRE
الخاصة بالجافا لوجدت أن الملايين سيستفيدون منها دون أن يحسوا بذلك من الأصل
!
لذلك فأريد أن
أختم هذه التدوينة بدعوة الكل للاهتمام بـ(أصول العلوم) أو (علوم الأصول)؛ فمن
دونها يتخبط الإنسان في ظلمات التقليد الأعمى، و لا يدري أبِنَاؤه راسخٌ في الأرض
أم علي شَفَا جُرُفٍ
هَارٍ. و بهما يمتلك الإنسان القدرة
علي تغيير الكثير و التأثير في عمل الأكثرين حتي بدون قصده أو
علمهم.
منذ صغري (و
حينما بدأت اهتمامي بالمجال العلمي) لاحظت شيئاً هاماً للغاية، كان ذلك الأمر هو
أنني أهتم أكثر ما أهتم بالعلوم التي تعتبر هي الأصول و القواعد الأساسية في
المجالات العلمية التي تنتمي لها.
يعني علي سبيل
المثال: حينما أخذت في تحصيل العلوم الشرعية وجدت نفسي أنساق رويداً رويداً إلي
تعلم أصول الفقه و أصول الحديث، بينما ينهمك جل من حولي في تحصيل فروع الفقه حسب
مذهبٍ معين (أو علي اختيارات صاحب الكتاب المدروس) !
و حينما أخذت
في تحصيل العلوم البرمجية وجدتني أنجذب ناحية علوم تصميم لغات البرمجة (أو
نظرية لغات البرمجة PLT- programming language theory) المترجمات compilers و
المفسرات interpreters و أنظمة التشغيل operating systems، بينما جل من حولي
انشغلوا بالشبكات networks و قواعد البيانات databases و تصميم مواقع الشبكة web
pages !
و حين كنت خارج
دائرة البرمجيات: كنت منشغلاً بالرياضيات و مولعاً بها إلي أقصي الحدود، و لي في
هذا المجال ما أحب أن أفصح عنه بعد فترةٍ حينما أصل في مشروعي البرمجي (البرمجة بإبداع) إلي نقطةٍ متقدمةٍ بإذن الله تعالي.
و علي هذا
فقِسْ في باقي نواحي الحياة.
و بالطبع فقد
جعلني هذا أبدو شاذ الفكر أمام كل من حولي، فلا أحد يشاركني في تلك الاهتمامات علي
الإطلاق، و زاد الطين بلةً أنني دائماً (و بدون قصدٍ و تعمد) ما أقتنع بما لا يهواه
الآخرون و يرونه عين الخطأ !
فلو نظرنا
مثلاً إلي علوم الشرع: فسنجد أنني ما إن تعمقت في أصول الفقه بعض الشيء حتي تشبعت
اقتناعاً بمنهج أهل الظاهر ! بينما إخوتي و أحبتي في الله من السلفيين أقرب
لمدرسة الإمام بن تيمية رحمة الله عليه في المذهب الحنبلي. و قد جعلني هذا أشعر
بكثيرٍ من الغربة بينهم رغم أنهم الأقرب إلي تفكيري و منهجي !
و لو نظرنا إلي
العلوم البرمجية فسنجد أنني أخالف جل الناس في نظرتهم للغات البرمجة الحالية و في
تصور ما يجب أن تكون عليه في المستقبل، و تعدي الأمر لغات البرمجة إلي تصوري لأنظمة
التشغيل، و للعتاد الصلب ذاته، بل و لفكرة الحوسبة نفسها !
و أهم النقاط
التي أريد أن أركز عليها هو أنني لا أتعمد المخالفة لمجرد المخالفة، و الله علي ذلك
شهيد. و لكني لا أغير قناعاتي إلا بأدلةٍ و براهين تقنعني، و بينما يناقشني من حولي
في الفروع و يكثرون من التفريعات عليها أجد أنهم يغفلون أصولاً تجعل تلك الفروع
باطلةً بالكامل و لا يمكن البناء عليها.
و أعود إلي
الحديث عن علوم الأصول لأنبه إلي أن من ميزة التخصص فيها: أن أي إنجازٍ تحرزه ينعكس
علي كل من يستخدم تلك الأصول، و لو ضربنا لذلك مثالاً بتطوير خوارزمٍ algorithm
جديد لفعل شيءٍ ما بحيث يتطلب ذاكرةً أقل و جهداً أقل من المعالج processor فسنري
أن هذا سيؤدي إلي استفادة كل من يستخدم ذلك الخوارزم بشكلٍ مباشر، و كل من يستخدم
المكتبات التي تستخدم هذا الخوارزم بشكل غير مباشر، و هكذا.
و لو أنك زدت
سرعة بعض العمليات المكلفة من حيث الذاكرة أو استهلاك المعالج في بيئة الـJRE
الخاصة بالجافا لوجدت أن الملايين سيستفيدون منها دون أن يحسوا بذلك من الأصل
!
لذلك فأريد أن
أختم هذه التدوينة بدعوة الكل للاهتمام بـ(أصول العلوم) أو (علوم الأصول)؛ فمن
دونها يتخبط الإنسان في ظلمات التقليد الأعمى، و لا يدري أبِنَاؤه راسخٌ في الأرض
أم علي شَفَا جُرُفٍ
هَارٍ. و بهما يمتلك الإنسان القدرة
علي تغيير الكثير و التأثير في عمل الأكثرين حتي بدون قصده أو
علمهم.