أسباب انهيار الخلافة الإسلامية
يعود انهيار الخلافة الإسلامية إلى عدة أسباب أهمها:
أولا - نظام الخلافة
يقوم نظام الخلافة في الإسلام على قاعدة (الشورى), وقد تقرر هذا المبدأ في القرآن الكريم بقوله تعالى: وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ وتأيد هذا المبدأ بقوله تعالى لنبيه: وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ وقد طبقه النبي صلى الله عليه وسلم فكان يشاور أصحابه في الأمور التي ليس فيها حكم من أحكام الله, وبذلك أصبحت (الشورى) مدار الحكم في الإسلام.
وتقوم قاعدة الشورى على مبدأ المساواة بين المسلمين باعتبارهم أخوة في الدين, فمن توفرت فيه الصفات المؤهلة للخلافة فهو صاحب الحق فيها, دون النظر إلى جنسه أو لونه أو ثروته أو مكانته الاجتماعية. فالإسلام سوى بين المسلمين, لا يتفاوتون إلا بتقوى الله تعالى, نزولا عند قوله تعالى: إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ وتقوى الله هي الالتزام بما أمر به وما نهى عنه, وفيها جماع الفضائل التي يجب أن يتحلى بها كل حاكم وهي ميزان التفاضل بين الناس.
ويتم اختيار الخليفة من مجموعة تضم من اجتمع فيه العلم والحزم والتقوى, واتصف بالحكمة والعدالة, وقد عرف هؤلاء بأهل الحل والعقد, فمن وقع اختيارهم عليه بايعوه وبايعه الناس, ويعتبر خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليه أن يسير بسيرته ويستن بسنته ويتبع نهجه, فإذا حاد حق خلعه, فإن استعصى وجب قتاله.
ولما انتقلت الخلافة إلى بني أمية بزعامة معاوية بن أبي سفيان تحقق لهم ما كانوا يطمحون إليه وما كانوا يطمعون فيه, فبدلوا نظام الشورى بنظام الإرث. وقد عهد معاوية بالخلافة من بعده لابنه يزيد وانتزع البيعة له بالمال لمن يخضع للمال, وبالقوة لمن يخضع بالقوة, وانتقلت الخلافة من بعده إلى بني مروان ابن الحكم, بعد أن تنازل عنها معاوية الثاني ابن يزيد بن معاوية واتسع بعد ذلك نطاق الخلفية, فأصبح الخليفة يعهد إلى ابنين أو أكثر من أبنائه يتوارثونها واحدا بعد آخر بالترتيب الذي يقرره, كما فعل عبد الملك بن مروان بن الحكم فقد عهد بالخلافة من بعده إلى أبنائه: الوليد ثم سليمان ثم يزيد ثم هشام. وقد توسط عمر بن عبد العزيز بين سليمان ويزيد بعهد من سليمان.
واستقر نظام الخلافة في الدولة الإسلامية بعد ذلك على نظام الإرث وأصبحت البيعة رسما شكليا يقبل عليها الناس, يتقدمهم الأمراء والكبراء والعلماء, وتؤخذ عليهم الأيمان المغلظة مع الحلف بالطلاق والعتاق لكي لا يتحللون منها . وفي العصر العباسي الثاني لم يعد أحد يبالي بالبيعة بعد أن أصبح مصير الخلافة بيد المتغلبين. وقد ترتب على وراثة الخلافة أمران: الصراع من أجل الخلافة وظاهرة الاستبداد والظلم.
1 - الصراع من أجل الخلافة
في البداية ظهر هذا الصراع بين أسرتين: الأسرة الهاشمية والأسرة الأموية. وبعد زوال الدولة الأموية سنة 131 - 132هـ ثار الصراع بين فرعين من الأسرة الهاشمية الأسرة العلوية الطالبية وزعيمها علي بن أبي طالب والأسرة العباسية وزعيمها العباس بن عبد المطلب يجمعهما جد مشترك هو هاشم بن عبد مناف. وقد كانت هذه الأسر الثلاث تقيم حقها في الخلافة, لا على نظام الشورى, بل على نظام الإرث من السلف إلى الخلف, ولكل منها حجته.
فالأسرة الهاشمية كانت تقيم حقها في الخلافة على قربها من الرسول صلى الله عليه وسلم , وكانت تقدم عليا بن أبي طالب في هذا الحق. والأسرة الأموية كانت تقيم حقها في الخلافة على المطالبة بدم عثمان الأموي واتهام علي بن أبي طالب بالتراخي في حمايته والامتناع عن قتل قاتليه. ولما انتزع الأمويون الخلافة, لم يستسلم الهاشميون لهم ولم يذعنوا, واتخذوا أسلوب الدعوة السرية في الدعوة لأنفسهم وشاركهم في هذه الدعوة العباسيون, واتخذوا شعارا موحدا هو الدعوة (للرضى من آل محمد), أي لمن يرضى عنه المسلمون من آل محمد وانضم إلى دعوتهم الساخطون على الحكم الأموي ومعهم الموالي من الفرس.
ومن خلال الدعوة السرية تجهزت الحملات العسكرية واندفعت لتلاقي محمد بن مروان آخر خلفاء بني أمية في معركة (الزاب), وفيها خسر محمد بن مروان الحرب وانهارت به الدولة الأموية التي دامت 92 عاما.
وبدأ بعد ذلك صراع جديد بين الأسرتين العلوية والعباسية. فقد تمكن العباسيون من انتزاع النصر فبايعوا عبد الله أبا العباس بن محمد بن علي بن عبد الله ابن العباس بالخلافة. وتحول التحالف إلى صراع بين العلويين والعباسيين, وقام معه صراع بين العباسيين أنفسهم. فقد عهد الخليفة أبو العباس الذي تلقب بلقب (السفاح) بالخلافة من بعده إلى أخيه أبي جعفر (المنصور) ومن بعده إلى ابن أخيه عيسى بن موسى, ولكن أبا جعفر أجبره على التنازل عن ولاية العهد إلى ابنه محمد (المهدي).
يعود انهيار الخلافة الإسلامية إلى عدة أسباب أهمها:
أولا - نظام الخلافة
يقوم نظام الخلافة في الإسلام على قاعدة (الشورى), وقد تقرر هذا المبدأ في القرآن الكريم بقوله تعالى: وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ وتأيد هذا المبدأ بقوله تعالى لنبيه: وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ وقد طبقه النبي صلى الله عليه وسلم فكان يشاور أصحابه في الأمور التي ليس فيها حكم من أحكام الله, وبذلك أصبحت (الشورى) مدار الحكم في الإسلام.
وتقوم قاعدة الشورى على مبدأ المساواة بين المسلمين باعتبارهم أخوة في الدين, فمن توفرت فيه الصفات المؤهلة للخلافة فهو صاحب الحق فيها, دون النظر إلى جنسه أو لونه أو ثروته أو مكانته الاجتماعية. فالإسلام سوى بين المسلمين, لا يتفاوتون إلا بتقوى الله تعالى, نزولا عند قوله تعالى: إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ وتقوى الله هي الالتزام بما أمر به وما نهى عنه, وفيها جماع الفضائل التي يجب أن يتحلى بها كل حاكم وهي ميزان التفاضل بين الناس.
ويتم اختيار الخليفة من مجموعة تضم من اجتمع فيه العلم والحزم والتقوى, واتصف بالحكمة والعدالة, وقد عرف هؤلاء بأهل الحل والعقد, فمن وقع اختيارهم عليه بايعوه وبايعه الناس, ويعتبر خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليه أن يسير بسيرته ويستن بسنته ويتبع نهجه, فإذا حاد حق خلعه, فإن استعصى وجب قتاله.
ولما انتقلت الخلافة إلى بني أمية بزعامة معاوية بن أبي سفيان تحقق لهم ما كانوا يطمحون إليه وما كانوا يطمعون فيه, فبدلوا نظام الشورى بنظام الإرث. وقد عهد معاوية بالخلافة من بعده لابنه يزيد وانتزع البيعة له بالمال لمن يخضع للمال, وبالقوة لمن يخضع بالقوة, وانتقلت الخلافة من بعده إلى بني مروان ابن الحكم, بعد أن تنازل عنها معاوية الثاني ابن يزيد بن معاوية واتسع بعد ذلك نطاق الخلفية, فأصبح الخليفة يعهد إلى ابنين أو أكثر من أبنائه يتوارثونها واحدا بعد آخر بالترتيب الذي يقرره, كما فعل عبد الملك بن مروان بن الحكم فقد عهد بالخلافة من بعده إلى أبنائه: الوليد ثم سليمان ثم يزيد ثم هشام. وقد توسط عمر بن عبد العزيز بين سليمان ويزيد بعهد من سليمان.
واستقر نظام الخلافة في الدولة الإسلامية بعد ذلك على نظام الإرث وأصبحت البيعة رسما شكليا يقبل عليها الناس, يتقدمهم الأمراء والكبراء والعلماء, وتؤخذ عليهم الأيمان المغلظة مع الحلف بالطلاق والعتاق لكي لا يتحللون منها . وفي العصر العباسي الثاني لم يعد أحد يبالي بالبيعة بعد أن أصبح مصير الخلافة بيد المتغلبين. وقد ترتب على وراثة الخلافة أمران: الصراع من أجل الخلافة وظاهرة الاستبداد والظلم.
1 - الصراع من أجل الخلافة
في البداية ظهر هذا الصراع بين أسرتين: الأسرة الهاشمية والأسرة الأموية. وبعد زوال الدولة الأموية سنة 131 - 132هـ ثار الصراع بين فرعين من الأسرة الهاشمية الأسرة العلوية الطالبية وزعيمها علي بن أبي طالب والأسرة العباسية وزعيمها العباس بن عبد المطلب يجمعهما جد مشترك هو هاشم بن عبد مناف. وقد كانت هذه الأسر الثلاث تقيم حقها في الخلافة, لا على نظام الشورى, بل على نظام الإرث من السلف إلى الخلف, ولكل منها حجته.
فالأسرة الهاشمية كانت تقيم حقها في الخلافة على قربها من الرسول صلى الله عليه وسلم , وكانت تقدم عليا بن أبي طالب في هذا الحق. والأسرة الأموية كانت تقيم حقها في الخلافة على المطالبة بدم عثمان الأموي واتهام علي بن أبي طالب بالتراخي في حمايته والامتناع عن قتل قاتليه. ولما انتزع الأمويون الخلافة, لم يستسلم الهاشميون لهم ولم يذعنوا, واتخذوا أسلوب الدعوة السرية في الدعوة لأنفسهم وشاركهم في هذه الدعوة العباسيون, واتخذوا شعارا موحدا هو الدعوة (للرضى من آل محمد), أي لمن يرضى عنه المسلمون من آل محمد وانضم إلى دعوتهم الساخطون على الحكم الأموي ومعهم الموالي من الفرس.
ومن خلال الدعوة السرية تجهزت الحملات العسكرية واندفعت لتلاقي محمد بن مروان آخر خلفاء بني أمية في معركة (الزاب), وفيها خسر محمد بن مروان الحرب وانهارت به الدولة الأموية التي دامت 92 عاما.
وبدأ بعد ذلك صراع جديد بين الأسرتين العلوية والعباسية. فقد تمكن العباسيون من انتزاع النصر فبايعوا عبد الله أبا العباس بن محمد بن علي بن عبد الله ابن العباس بالخلافة. وتحول التحالف إلى صراع بين العلويين والعباسيين, وقام معه صراع بين العباسيين أنفسهم. فقد عهد الخليفة أبو العباس الذي تلقب بلقب (السفاح) بالخلافة من بعده إلى أخيه أبي جعفر (المنصور) ومن بعده إلى ابن أخيه عيسى بن موسى, ولكن أبا جعفر أجبره على التنازل عن ولاية العهد إلى ابنه محمد (المهدي).