خامسا - مظالم عمال الخراج
يشمل الخراج ضريبة ما تخرجه الأرض من ثمرات ومحاصيل, وكان يتولى جبايتها مع جباية موارد الدولة الأخرى عمال يدعون (عمال الخراج) وكانوا يتمتعون بسلطة كبيرة. وقد عرفوا بالظلم والعسف فكانوا يجبون أضعاف ما كانوا يضمنون أداءه للدولة.
وقد روى المؤرخون ما كان يجري على أيديهم من المظالم, وما كان يلقى المكلفون من صنوف العذاب. وقد وصف ابن المعتز في أرجوزة نظمها ما كان يلقى المكلفون من أنواع التشهير والتعذيب في أداء ما يفرض عليهم فيقول:
فكم وكم مــن رجـل نبيل
ذي هيبـة ومـركب جـليل
رأيته يعــتل بالأعــوان
إلى الحـبوس وإلـى الديوان
حتى أقيم في جحـيم الهاجرة
ورأســه كمثل قـدر فائره
وجعلوا فــي يــده حبالا
مـن قنـب يقطع الأوصـالا
وعلقوه فـي عـرى الجدار
كأنـه بـرادة فـي الــدار
وصفقوا قفاه صفـق الطبل
نصبا بعيــن شـامت وخل
وحمروا نقرته بيـن النقـر
كأنها قد خجلت ممــن نظر
إذا استغاث من سعير الشمس
أجابه مسـتخــرج برفس
وصـب سـجان عليه الزيتا
فصـار بعــد بــزة كميتا
حـتـى إذا طال عليه الجهد
ولم يكـن مـما أراد بــد
قال أذنوا لي أسال التجـارا
قرضا, وإلا بعتهـم عقـارا
وأجـلوني خمـسـة أياما
وطــوقوني منـكم أنعاما
فضـايقوا وجعلوهـا أربعة
ولم يؤمل في الكلام منفعـة
وجاءه المعينـون الفجـرة
وأقرضوه واحـدا بعشــرة
وكتبوا صكا ببيع الضيعـة
وحـلفــوه بيميـن البيعة
ثم تأدى ما عليه وخـرج
ولم يكن يطمع في قرب الفرج
وجاءه الأعــوان يسألونه
كأنهـم كـانـوا يــذللونه
وإن تلــكأ أخـذوا عمامته
وخمشوا أخدعـه وهـامته