في هذء الأرجوزة وصف صادق من شاهد عيان, ومن كابن المعتر, وهو ابن خليفة وخليفة وشاعر وجداني كبير, يستطيع أن يصف ما كان يعانيه المكلف بالخراج من تعذيب.
كان إذا عجز عن أداء خراج ضيعته سلط عليه عامل الخراج أعوانه فيأخذونه من تلابيبه ويجرونه إلى الحبس جرا ثم يقيدونه بالحبال المصنوعة من (القنب) ويعلقونه في عرى الجدار ثم يأخذون في صفعه أمام الناس وفيهم العدو الشامت به والصديق المتأسي له, فإذا استغاث من ألم الضرب وسعير الشمس رفسه الأعوان وصب عليه السجان الزيت فشوه هيئته, وإذا اشتد عليه العذاب طلب أن يمنحوه خمسة أيام ليجمع المبلغ المطلوب منه ببيع عقاره فلا يمنح إلا أربعة أيام, وحين يسمع المرابون بأمره, يستغلون محنته, وأقرضوه كل قرش بعشرة أمثاله, وكتبوا عليه صكا, وألزموه حلف الأيمان, واستكتبوه صكا ببيع ضيعته إذا تأخر في الوفاء فيضطر للإذعان, فإذا حصل على المال أتاه أعوان عامل الخراج ليستوفوا أجرهم, فإذا تلكأ أخذوا عمامته وخمشوا وجهه وهامته.
ثم يصف ابن المعتز في أرجوزته, ما كان يصنعه عمال الخراج في استيفاء الضريبة من التجار. كانوا إذا امتنع أحدهم عن دفع ما يفرضون عليه, ادعوا عليه أن السلطان أودعه وديعة وعليه أن يردها, فإذا أنكر ذلك صبوا عليه أسواط العذاب.
ومثل ذلك يفعلون مع من يرث ميراثا ضخما, فكانوا يعملون على الاستيلاء على ميراثه, أو يشركونه فيه, فإذا رفض سجنوه وأخذوا في تعذيبه حتى ينالوا ما يريدون وفي ذلك يقول ابن المعتز
وويل من مات أبوه موسرا
أليس هذا محكما مشـهرا
وطال في دار البلاء سجنه
وقال: من يدري بأنه ابنه
وأسرفوا في لكمه ودفعـه
وانطلقت أكفهم في صفعه
ولم يزل في أضيق الحبوس
حـتى رمى إليهم بالكيس
وتاجر ذي جـوهر ومـال
كان من الله بأحسـن حل
قيل له: عندك للسلطــان
ودائـع, غاليـة الأثمان
فقال: لا والله مـا عندي له
صغـيرة من ذا, ولا جليله
وإنما ربحـت في التجـارة
ولم أكن في المال ذا خساره
فدخـنوه بـدخان التبــن
وأوقـدوه بثـفال اللـبن
حتى إذا مـل الحياة وضجر
وقال: ليت المال جمعا في سقر
أعطاهم ما طلبوا فانطلقـا
يستعمل المشي ويمشي العنقا